هناك شي مميز بهذا اليوم فمنذ الصغر حتى الآن طقوس معينة لا تأتي إلا بيوم الثلاثاء ..
كوجبة الغداء سمك بدل الدجاج أو أي من اللحوم الحمراء – أو طبخ كمندي بالتنور ( حفرة بالأرض يطبخ فيها الأكل عن طريق الدفن ) الذهاب للكوفيهات – أو المرور لزيارة صديقة – الفطور خارج المنزل – الاسترخاء والاستجمام , القاسم المشترك بينهم كان يوم الثلاثاء باختلاف العادات التي اكتسبناها بمرور السنوات ..
كان والدي يخبرنا جميعا أن نذهب للنوم في الساعة 9 حتى نستعد للمدرسة لكن يوم الثلاثاء يبدو أكثر جدية والسبب بأنه يريد مشاهدة رياضته المفضلة ( المصارعة الحرة ) .
وأنا التي أصابني الفضول لماذا أمنع من المشاهدة بالطبع لم أكن أعلم بأنها تمثيل لكني كنت متشوقة لرؤيتها بسبب المنع أولا وأعتقد الجميع وقع بغرام الاندر تيقر ومن لم يفعل .!
لم تكن رياضة تستهويني لكن لدي الكثير من الوقت والفضول أحاول أن أملأه بالمتاح ..
استمر والدي بتصريفي بأي حجة وأنا مازلت مصرة على رأيي بأنه لا يمكن قبول المنع بلا تبرير أصبحت أتظاهر بالنوم في الصالة أو في غرفة والداي حتى أشاهدها وكانت طريقة نومي مناسبة للمشاهدة بدون أن يكتشف والدي بأنني أتظاهر بالنوم لكن لا يخفى على الآباء طريقة تصرفات أبنائهم , أصبح والدي يحملني لسريري ومرة يقفل التلفاز حتى أصاب بالملل وأذهب لكني لم أفعل وتغيرت أساليب إحباطي من المشاهدة حتى رضخ والدي كبداية بجعلي أشاهدها معه لمدة ربع ساعة وبعدها يخبرني بأنه حان وقت النوم لعلة أشبع فضولي .
ومع تكرار محاولاتي بطلب تبرير موقفه من المنع كوني لا أقبل إلا بالإقناع كانت أول حجة لمنعي من مشاهدة هذا النوع من الرياضات كونها رياضة عنيفة لا تتناسب مع صغر سني وكوني فتاة لكني على علم بان غيري يشاهدها فما لمانع لماذا ستؤثر بي ؟! أنا على عكس الأخريات ولماذا أخي يشاهدها ؟! إذا كان مبرر العنف هل سأتأثر أنا ؟! وهو لا لكنها لم تكن تؤثر بي إنما تشعرني بالحماس كون الصورة الأجمل أن ينتصر الخير على الشر وأنام بعدها قريرة العين لأني مازلت أرى الحياة كما هي بجميع الحكايات ما قبل النوم وردية حالمة كما بأفلام الكرتون .
بعدها المبرر الثاني الملابس التي يرتديها الرجال بالمصارعة محرم النظر إليها كفتاة وأنا مازلت بعمر العاشرة ما هو المحرم ؟! ماذا يقصد إن كان محرم بديننا فهي محرمة عليه أيضا كعورة يجب سترها وماذا عن أمي لماذا تشاهدها معه بعض المرات هي أنثي أيضا هي مسلمة هناك شي ما كل هذه التناقضات لا تتماشى مع منطق العقل لدي .
فكرت قليلا يوما ما سأكبر وسيكون المشاهدة حلال أذن لماذا المنع الآن المحرم سيبقى محرم أصبحنا صغارا أم كبرنا هذا ما تعلمته بديني لماذا بعد سن معين يصبح حلالا ؟
حسنا .. أصبح يوم الثلاثاء يوم المهمات الطويلة تركت الكثير من الواجبات لهذا اليوم حتى أسهر للساعة 12 منتصف الليل ولن يحاسبني أحد أردت أن أعرف ما لذي سيحدث لو شاهدتها ما لذي سيتغير !!
سألني والدي لماذا لديك الكثير من الواجبات ؟ أخبرته بأنه لا يوجد وقت كافي للكتابة بالحصة فأقوم بترك كل الكتابات ليوم الثلاثاء كونه بعد يوم الاثنين وبه حصة نشاط فلا يوجد الكثير من الواجبات ولم أكذب فعلت شي مناسب لي ..
أتناول عشائي متأخرا وأتم كتاباتي للدروس وأنا أشاهدها وبعدها أذهب للنوم مباشرة لم يعد والدي يناقشني فقط يصمت بغضب حتى اعتاد وبعدها لم أعد أهتم ووصلت لنتيجتي المؤكدة ..
لماذا كان يشعرني بأني سأصبح سيئة لا أعرف هي مجرد أفكار بناها كما يفعل بقية الآباء ما لذي سيخسرونه لو لم يكن هناك منع لاشي إنما هي عادات اعتادوا على تطبيقها بلا مبرر ..
مازال هذا الهراء يسيطر علينا بإرغام الفتاة بترك ما هو حلال وحق لها في سبيل إرضاء المجتمع ومن أجل عدم إفسادها لا أعرف لماذا كل شي سيفسدني ألم أتلقى نفس تربية الرجل ؟! أم أن الرجال لم يتربوا ويتوقعون منا المثل ؟ أم الحقيقة المرة أن منع الفتاة هو الحل لكل تفاهات الرجل ؟
لماذا كل هذه القيود ونحن مسلمون والفتاة برغم خروجها القليل ومعرفة مكان خروجها ووقت عودتها من المفترض أن تكون محل ثقة لاشك ..
استمريت بتحطيم بقية الممنوعات كما حدث في يوم الثلاثاء أحارب من أجل أن أصل لقناعاتي الخاصة التجربة خير برهان , وأقرر بعدها ما هو الأنسب لي ..
فكل ما هو ممنوع أصبحت أفعله كالخروج للفطور كان ممنوع سواء لمكان ما أو لصديقة فلا أحد يخرج الصباح للفطور لكني فعلت وأصبحت أشرب قهوتي في الصباح كلما حانت لي الفرصة أيضا كل مهماتي للمنزل ولي أقضيها صباحا لوحدي , وأصبح الصباح ويوم الثلاثاء مبجلان تحديدا لكسر الروتين والعادات المفروضة على الفتاة بلا سبب ..