مرحلة انتقالية

بعد مرور سنتين من بعد التخرج لم أستطع تجاوز كل ما حدث في المرحلة الثانوية كنت طالبة مجتهدة أعرف جيدا ما أريد على عكس الأغلبية يبدءون حياتهم الجامعية بلا رغبة بأي تخصص كنت أنا التي قد حددت مسبقا التخصصات التي أريدها على أمل أن انتقل لمدينة الرياض وأكمل تعليمي لكن لم يحدث ذلك أصبت بإحباط وأكملت بقسم لا أريده تغيرت حياتي بعدها أصبحت خاملة لا أريد فعل أي شي بالنسبة لي وقتها لن يتغير شي مهما حاولت مستقبلي غامض ولا أعرف كيف أخرج من هذه الدوامة ..
قضيت معظم وقتي بتأنيب نفسي ومشاهدة الأفلام والقراءة والمحادثات التافهة على مدار الساعات وصرف المال الذي أقوم بتوفيره من مصروفي على ما أحتاج ولا أحتاجه فقط لملئ ذلك الفراغ بداخلي أصبح كل شي مظلم لم أعد أبصرني من بين تلك الفوضى شعرت بالغرق شيئا فشيئا فكل محاولة أريد أن أغير بها حياتي تعيدني لنقطة الصفر لاشيء جيد يحدث ..
أتى الاستسلام الأخير بعد كل الاستسلامات الكاذبة وصلت للقاع من التقليل بالنفس كنت بحاجته حتى أنهض مجددا حينها أخبرت أبي بأني أريد الانتقال لمدينة الرياض كان من المفترض أن يحدث ذلك منذ البداية أردت الابتعاد الاختلاء بنفسي الكل يملي على ما يريده بدون توقف هذه ليست حياتي وليست أنا التي أعرفها كان قراري نهائي وكان جواب والدي بأن فضل الصمت وطلب مني الاستعداد في يومين , وصلت هناك شهر كامل كنت ابكي كل ليلة فعلى مدار 6 سنوات لم ابكي إلا القليل لم أخرج أبدا لمدة شهر وأنا التي تجوب الشوارع وتستمع بكل تفاصيلها مع أن كل شي موجود أمامي كنت بحاجة أن أخرج من حالتي أولا , كنت أجلس صامتة بلا حديث حتى بداخل عقلي أبدأ يومي بالفطور أهتم بنفسي البس أجمل الملابس وكأنني سأخرج لموعد أو نزههة ما , أطبخ الأكلات التي أحبها أرى أفلامي المفضلة والجديد منها أتحدث مع قريباتي والصديقات المقربات لقلبي قطعت كل تلك المحادثات والعلاقات التي لا تشعرني بأي راحة أرقص عند شعوري بحاجته وسماع الموسيقى طوال الوقت ..
خرجت للمرة الأولى بعد شهر أحسست براحة كبيرة والحياة بدأت تزهر بداخلي مجددا نزلت للشارع مشيا على الأقدام وكأنني لأول مرة أعرف مدينة الرياض وبدأت أفكر ماذا أريد أن أفعل بحياتي ؟! و ماذا أحب أن أفعله وقت فراغي ؟! في أحد الحدائق العامة جلست على الكرسي وشرعت بالكتابة دونت جميع ما خطر على بالي احتجت أن أتعرف على نفسي التي دفنت منذ سنوات بفعل شي لم يكن لها ..
بداية جديدة أرغمتني على التخلص من كل شي تعلقت به سابقا وهنا أتت فكره تحدي نفسي للسنوات القادمة عدت لمنزلنا بعد 3 أشهر قضيتها بالتفكير واستعادة نفسي القديمة عملت جرد لكل شي بدأ من ملابسي لم أكن أشعر بأن لدي الكثير من القطع التي لم أرتديها يوما بل على العكس انبهرت أنها بداخل دولابي كونها خارجة عن ذوقي الذي أرتدية قسمتها ملابس أحبها وملابس إن لم أرتديها خلال شهرين ستخرج وملابس لا أريدها ستذهب مباشرة للعائلات المحتاجة أو دار الأيتام وأجريت نفس الطريقة مع أجهزتي واحتياجاتي ورغباتي المستقبلية .
الغريب خزانة ملابسي كانت تحتوي على 600 قطعه فما فوق ولم أشعر بسعادة لأن السعادة لم تكن مرتبطة أبدا بعدد ما تملك شي أعمق بكثير.
طالما أحببت الأفعال الخيرية المنفردة ووجدتها فرصة أن أدخل هذا النمط بحياتي حينها شعرت بالسعادة أصبحت أرسل ما يقارب كل ست أشهر بعدها ثلاث أشهر والآن أصبحت عادة كل شهرين أي فائض لدي أو ما يتم تجميعه من خلال الأهل والصديقات والأقارب وأيضا المعارف على أمل أن أتوسع بهذا النشاط مستقبلا بمساعدة الآخرين .
أنهيت عادتي السيئة بتعلقي بكل ماهو داخل غرفتي قديم أم جديد وأدخلت عادة ( العطاء ) لكل شي انتهت حاجته أومن حر مالي .
التحدي لم يكن فقط لجرد مالدي بل عشت مايقارب 8 أشهر بارتداء 6 قطع فقط
أحببت مسألة التغيير الكامل لطريقة حياتي
بنهاية التجربة خرجت بفوائد عديدة :
– زيادة ثقة بالنفس حياة بسيطة .
– أصبح لكل شي أملكة معنى وذا قيمة .
– رغبتي في الشراء المستمر اختفت .
– مزاجي أصبح أكثر هدؤوا متطلباتي للحياة خالية من التعقيد .
– هناك متسع لإضافة هدف جديد دائما بعد انجاز أي مهمة .
حتى أضمن استمراري وعدم العودة على ما كنت عليه :
– الجرد كل ست أشهر .
– عدم الشراء إلا بحاجة حقيقية أي استخدامي للغرض بنسبة 70% فما فوق .
– مكافئة نفسي بعد كل جهد كبير بشراء شي احتاجه فعلا وليست مجرد رغبة في اقتنائه .
مازلت مستمرة بتحقيق أهدافي , ماذا عنكم ؟
حتى ذلك الحين ملهمة

 

رأيان حول “مرحلة انتقالية”

أضف تعليق